كشفت أوساط مواكبة للملف الحكومي لصحيفة "الجمهورية"، انّ "زيارة الموفد السعودي يزيد بن فرحان لبيروت مجدداً هي مؤشر إلى احتمال دخول سعودي على خط تسهيل مهمّة رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، وإحاطة مسعاه لتشكيل الحكومة بـ"بيئة حاضنة"، موضحة انّه "لا تزال توجد عِقَد تحتاج إلى معالجة ومنها ما يتصل بالتمثيل المسيحي والتمثيل السنّي". وقالت هذه الاوساط، إنّه "ربما تكون هناك حاجة إلى عقد لقاء قريب بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وسلام لاستكمال التفاهم حول بعض المسائل التي لا تزال عالقة، ومنها حقيبة وزارة المال وإمكان ايجاد حل وسط في شأنها، فيما نُقل عن بري تأكيده انّ "الأمور مسهّلة من قبلنا والمشكلة ليست عندنا".
وفي معلومات لـ"الجمهورية"، انّ "الاجتماع الأخير بين سلام و"الخليلين" لم يخرج الاتفاق عن مضمونه، الحقائب الخمس ومن ضمنها وزارة المال ولا "فيتو" على اسم ياسين جابر لدى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وسلام. أما الأسماء الأخرى فقد اكّد بري انّه منفتح على النقاش في الأسماء المطروحة لغير وزارة لمال واستبدالها إلى حين إسقاط الأسماء النهائية عليها بعد التشاور.
وقال مصدر مطلع على الاتصالات الحكومية لـ"الجمهورية"، انّ «الحكومة في مخاضها الأخير وربما تبصر النور قبل نهاية الأسبوع، حيث اقتربت مسودتها من تثبيت توزيعة معظم الحقائب السيادية والأساسية، اما الحقائب الـ light فلا مشكلة فيها، وقد باتت أسماء محسومة ومعروفة".
وفهم المصدر من التواصل انّ "التيار الوطني الحر" ربما يكون خارجها. وقد حصلت "القوات اللبنانية" على حقيبتين وازنتين فيها (الاتصالات والطاقة) الحصة الدرزية (الأشغال) الاعتدال (التربية والزراعة) رئيس الجمهورية ( الدفاع، العدل، والخارجية) نائب رئيس الحكومة (الوزير السابق طارق متري) الأرمن (الشباب والرياضة) وحصة الثنائي كما بات معلوماً (المال، العمل، الصناعة، البيئة، الصحة)"، مضيفة أن "لكن خيار الوزير المحسوب على "الثنائي" يلقى اعتراضاً شديداً لدى الغالبية التي سمّت سلام، وإلّا فإنّها تطالب بتسميات تمثلها في وزارات أخرى. وهذا الأمر ينسف فكرة الحكومة التي يريدها سلام من أساسها. ويبدو أنّ الأمر ما زال يحتاج إلى مزيد من المفاوضات، إضافة إلى تدخّل وشيك لأركان الخماسية".
"التيار"
وفي السياق، كشفت مصادر "التيار الوطني الحر" لـ"الجمهورية"، أنّه في وقت "كانت أحزاب تشترط وتطالب بحقائب، أو بمعايير "بسمنة" ومعايير "بزيت"، لوحظ أنّ التيار لا يتمسك بشيء ولا يطالب بشيء، بل مسهِّل إلى أقصى حدود، بالتوازي مع التمسك بالمعايير الموحّدة". وأضافت أنّ التيار كان "بيضة قبّان في نجاح سلام ووصوله، وهو يستكمل هذا المسار بتأكيد العمل على مسار إصلاحي عام للحكومة، فيما بقية الأفرقاء يصرّون على حقائب معيّنة".
ولفتت مصادر التيار إلى أنّ "من السهل جداً الجمع بين التمثيل السياسي والحزبي والطابع الإصلاحي، فشيطنة الأحزاب التي أشار إليها بياننا أمس، لا تُساهم في رفد العملية الإصلاحية المطلوبة بمقوّمات التنفيذ والدعم الحزبي والنيابي".
"القوات"
وفي غضون ذلك، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ"الجمهورية"، إنّه "يجب التوصّل إلى رؤية مشتركة حول دور الحكومة ووجود "القوات" فيها، استناداً إلى معايير موحّدة ومتوازنة لإدارة المرحلة الجديدة بفعالية، بعيداً من التعطيل، مع تفعيل دور المؤسسات".
واضافت المصادر، أنّ "لكل مرحلة مقتضياتها، وبالتالي الحديث عن أنّ القوات قد اتخذت قراراً نهائياً غير دقيق، إذ لم يُتخذ أي قرار بعد. وعندما تصل الأمور إلى طريق مسدود، سيُعلَن عن ذلك بوضوح مع ذكر الأسباب الموجبة. أمّا في الوقت الراهن، فلا يزال التفاوض مستمراً. وعليه، لا يمكن القول إنّ المسألة محسومة في اتجاه معيّن، بل إنّ كل الاحتمالات قائمة. قد تنجح المفاوضات وقد لا تنجح، لكنّنا نسعى إلى النظر بإيجابية والعمل على تشكيل حكومة تواكب التطوّرات التي يشهدها لبنان. فإذا استطعنا المشاركة في الحكومة، فسيكون ذلك أمراً إيجابياً، وإن لم ننجح، فسيكون خروجنا أمراً طبيعياً".
وحول طرح حركة "أمل" اسم النائب السابق ياسين جابر لوزارة المال، اكّدت المصادر "القواتية"، "بدايةً، نميّز بين الأسماء المطروحة وبين الإشكالية الأساسية. ليس لدى "القوات اللبنانية" أي مشكلة مع بعض الأسماء، ونكنّ كل الاحترام للوزير ياسين جابر. لكنّ الإشكالية تكمن في مبدأ تخصيص وزارة المال لـ"الثنائي الشيعي"، بغضّ النظر عن الأسماء. فالسيطرة على الوزارة ستبقى في يَد الثنائي، ما قد يُشكّل عقبة أمام الحكومة في المرحلة المقبلة. قد يكون الوزير المعيّن شخصية نزيهة وذات سيرة حسنة، لكنّ ضغط المرجعية السياسية قد يدفعه إلى عدم توقيع قرارات يقرَّها مجلس الوزراء ورئيسَا الجمهورية والحكومة، ممّا يؤدّي إلى تعطيل عمل الحكومة مجدداً".
وأوضّحت المصادر الأمر على النحو الآتي: "نحن أمام عائقَين أساسيَّين: أولاً، الإبقاء على وزارة المال في يَد "الثنائي" قد يؤدّي إلى تفجير الحكومة في أي لحظة، سواء في الجلسة الأولى أو العاشرة، عند مواجهة أي قرار لا ينسجم مع توجّهات الثنائي. وثانياً، إذا تمسّك "الثنائي" بـ 5 وزراء شيعة، فقد يستخدم ذلك لفرض شروطه وتهديد الحكومة، ممّا يُعطّل عملها عند أي استحقاق. لذلك، الحَل يَكمن في تقليص هذا التمثيل لمنع استغلاله كأداة تعطيل، وضمان عدم احتكار وزارة المال".
وحول إمكانية تمثيل "المعارضة الشيعية»" في الحكومة، ترى "القوات" حسب مصادرها أنّ "المسألة لا تتعلّق بموالاة أو معارضة، بل باختيار شخصية مستقلة عن "الثنائي"، لا تخضع لضغوطه، وتتمتع بالقدرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة داخل وزارة المال".
وفي شأن معايير التوزير بين "القوات" و"التيار" و"الثنائي"، شدّدت مصادر "القوات" على أنّ "المعيار يجب أن يكون موحّداً وعادلاً للجميع. إذا كان "الثنائي الشيعي" قدّم أسماء وزرائه وتمّ قبولها، فيجب أن ينطبق الأمر عينه على بقية القوى السياسية. لا يمكن أن يكون هناك معياران مختلفان عند التعامل مع التمثيل الحكومي. المطلوب هو الوضوح والعدالة في توزيع الحقائب، إذ لا يكون هناك استثناء لأي طرف على حساب آخر".